يولد الإنسان بلا خبرة أو علم بما حوله وذلك مصداقا لقوله تعالى ( والله أخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شئيا ) ثم يبدأ في اكتساب المهارات والسلوكيات من حوله ، فيأخذ عنهم عاداته وتقاليده، بذلك تنتقل العادات والتقاليد من جيل إلى آخر.
وتظهر الممارسات اليومية في الأفعال والأعمال التي يمارسها الأفراد، ويعتادونها، وتمثل سلوكا ثابتا وملازما لحياتهم ، فيما يطلق عليه مجازا بالعادات والتقاليد .
وإذا اردنا أن نفرق بين كلمة العادات والتقاليد ، فيجب أن نعرف معنى العادة وهي ما اعتاده الناس، وكرروه في مناسبات عديدة ومختلفة.
أما التقاليد فهي أن يأتي جيل، ويسير على نهج جيل سابق، ويقلده في أمور شتى.
والعادات والتقاليد سلسلة تنتقل حلقاتها من جيل لآخر، وقد يصاحب هذا الانتقال بعض التغيرات بالزيادة أو النقصان، سلبًا أو إيجابًا، بما يتفق مع ظروف وقيم كل جيل، وقد تتلاشى الوظيفة الاجتماعية للعادات أو التقاليد، أو تنتهي نتيجة تغير الظروف الاجتماعية، إلا أنها تبقى بفعل الضغط النفسي الذي تمارسه على الأفراد الذين اعتادوها، وشعروا أنها تمنحهم الأمن والاطمئنان، وتضمن تماسكهم في مواجهة أية تغيرات جديدة.
والناظر للعلاقات الاسرية ليجد الكثير من الممارسات التي تتم بين افراد الاسرة الواحدة تفتقر للياقة السلوكية وعدم مراعاة المظهر والجوهر في الاداء ، مما يدل على السلوك السلبي الذي يتسم به هؤلاء الافراد .
كما يلعب الزوجان الدور الكبير والمؤثر في بث السلوكيات الحميدة والسلبية في المنزل ، وانتقال هذه الممارسات إلى الابناء والتي تترسخ في قناعاتهم الشخصية على ان هذا السلوك هو الأفضل بالنسبة لهم ، ومع استمرارية تلقي تلك السلوكيات تتراكم في العقل الباطن ولا تظهر بين يوم وليلة ، بل تأخذ سنوات حتى تثبت وتستقر، وسنوات أطول حتى تتغير وتتحول.
لذلك يقع عليها الدور الأكبر في ضبطها وفق المنهج الإسلامي السديد، قال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السلم فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} [الأنعام: 153]، وقال سبحانه: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا} [الأحزاب: 36].
فقد قال بعض البلغاء أن البيت الذي يؤسس على الغرائز تهدمه الغرائز.. والمنـزل الذي يبنى على الماء يغرقه الماء.. والدار التي تشيد في مجرى السيل يهدمها السيل.. والأسرة التي تتكون على تقوى وطاعة الله لا تقلعها الريح مهما كانت..
فمن هذا المنطلق يؤكد علماء السلوك بأن العادات والسلوكيات المنتشرة بين الناس في وقتنا الحالي تعد من أخطر الأمور على دين الله، لأنها شيء مألوف معتاد، تميل إليه النفس، ويجتمع عليه الناس، ويصعب إقلاعهم عنه. ومن هنا يعظم دور المسلم في نبذ ما يخالف الشريعة الإسلامية، بل ويجب عليه أن يقوم بدور فعال في تغيير مجتمعه -فضلاً عن حمايته- لتوافق عادتُه وتقاليده شرعَ الله، وسواءً كان ذلك فيما يخص المرأة أو فيما هو عام يمس المجتمع كله، حتى ينشأ الأبناء جيلاً قويًّا يحمل شعلة الإسلام وينير الطريق للناس جميعًا.