دراسة ميدانية عن الطلاق وآثارها على المطلقة
إعداد : خليفه محمد المحرزي .
تأتي هذه الدراسة الميدانية عن الطلاق وانعكاساته على الزوجة المطلقة في مجتمع الإمارات العربية كمساهمة أولية في مجال الدراسات المتعلقة بقضايا الأسرة الإماراتية ومشاكلها الاجتماعية ، حيث تعطي مؤشرات ملموسة لبعض القضايا المتعلقة بالطلاق والتي لابد من دراستها وتحليلها حتى لا تكون تلك المؤشرات تعميمات تطلق جزافا على بعض المتغيرات التي أخذت تؤثر على حالة الاستقرار العام للأسرة الإماراتية وتعصف بكيانها المستقل ودورها المؤثر على المحددات العامة لمستقبل الأسرة الإماراتية .
هناك عائق آخر في تلك المعضلة التي بدأت بالتنامي ألا هي نظرة المجتمع للطلاق وبروزها بشكل تعد كظاهرة هامة ليس على مستوى المجتمع فحسب وإنما هي مؤشر سلبي تعاني منها كافة المجتمعات والدول المجاورة ، لما يترتب عليها من آثار سلبية ومخاطر حقيقية تؤثر على الأسرة وتغرق المجتمع بأكمله في مشاكل عديدة تهدد مسيرته وتعيق من تقدمه وتطوره على كافة الأصعدة.
تهدف هذه الدراسة الميدانية الى معرفة خلفية الطلاق وأسبابها وما يترتب عليها، وكيفية التعامل معها من وجهة نظر الفرد الذي تعرض لتجربة حقيقية للطلاق وارتباطاتها المتعددة بالكثير من المؤثرات سواء كانت العادات والتقاليد الاجتماعية أو طبيعة العلاقة الثنائية أو الأسباب النفسية التربوية أو المادية وغيرها. والوقوف على التغيرات الاجتماعية إزاء هذه المشكلة.
لا غرو أن مسألة الطلاق هو انعكاس طبيعي لحقيقية العلاقات الزوجية القائمة وما يترتب عليها من مشكلات أو مواجهات تحدث بين الطرفين لعدة أسباب سواء من داخل الأسرة أو من خارجها ، فقانون الطلاق مرتبط بقانون الزواج ، فمتى ما حدث ارتباط لا شك أن هنالك انفصال ، ويصبح الطلاق أمرا واقعا تفرضه الأسباب التي تحول دون استمرار العلاقة الزوجية التى أكثر ذلك ، وتقبل المرأة في الزواج رغم إدراكها لهذا المصير ، إلا أنها تدرك ايضا أنه المصير الوحيد والمقبول اجتماعيا ولكنه في بعض الأوقات قد يكون المخرج الوحيد لزواج غير موفق وعلاج لبعض العلاقات الغير موفقة ،أي انه يجب النظر إلى الطلاق على أنه ظاهرة اجتماعية مرافقة للزواج والاسرة في بعض الأحيان ، فالطلاق والزواج قضيتين ضروريتن إجتماعيا، يتصلان ببعضهما إتصالا وثيقا، ولا يمكن الانتقاض من دراستهما، وضرورة كشف النقاب عنهما حتى نتمكن من التعرف على المشاكل الاجتماعية الناجمة عنهما.
فالطلاق يصبح في بعض الأحيان ضرورة اجتماعية ولكن ينبغي ان يوضع تحت شروط وقواعد حيث لا يكون لمجرد العاطفة أثرا فيه، فيجب حتما أن لا يقع الطلاق إلا امام القاضي أولا، لينظر هل فيه إكراه وضرر وثانيا ليكون هناك وقت بين الطلب ووقوعه ليتمكن فيه الزوجان من التروي والتفكير، وهذا يعني عدم وقوع الطلاق بين الزوجين الا في حالة تعذر العيش واستحالته بينهما، نتيجة لوجود مشاكل مستعصية ولا يوجد وسيلة لحلها إلا الانفصال، ولان العلاقة الزوجية اذا استحالت تحولت حياة الأسرة الى جحيم لا يطاق وينعكس هذا على الزوجة والأطفال وما يتبع ذلك من تشتت للعائلة وتشرد الأطفال وضياع الأسرة، لذلك جاءت ضرورة الطلاق بينهما ولكن استخدام هذه الضرورة لمجرد الإساءة للرجل او المرأة لا يعتبر عملا صحيا نفسيا واجتماعيا حيث تهدر إنسانية المرأة،.
* أسلوب الدراسة
الأسلوب المتبع في هذه الدراسة، هو دراسة الحالة عن طريق المقابلة الشخصية بقسم التوجيه الأسرى للنساء اللواتي حصلن على حكم الطلاق بالمحكمة ، كما تم توزيع بعض الاستبيان على شريحة أخرى متعددة سواء عن طريق التسليم الشخصي أو عبر موقع الإنترنت والبريد الإلكتروني ، وكان عدد الحالات التي تم اللقاء معهن ( 200 ) حالة من أصل 277 استمارة تم توزيعها ولم يصل منها سوى العدد التي تم ذكره آنفا ، كما تم الاستعانة بالمعلومات المتوفرة من خلال سجلات الأحوال الشخصية بالمحكمة لعام 2003 م .
المعلومات وفق ما جمعت من المطلقات : لقد تم جمع المعلومات من المطلقات عن طريق طرح أسئلة مفتوحة تمثلت بما يلي:
1- أسئلة تتعلق بالزواج والطلاق.
2- أسئلة حول طبيعة العلاقة الزوجية.
3- أسئلة متعلقة بقضايا النفقة والحضانة وبيت الطاعة.
4- أسئلة حول الأوضاع الاجتماعية والأسرية.
5- أسئلة تتطرق إلى نظرة المرأة المستقبلية بعد الطلاق ونظرة المجتمع لها.
الحالات المدروسة: تم دراسة (200) حالة من جموع الحالات التي استطعت مقابلتها بقسم التوجيه الأسرى إضافة آلي نشر ورقة الاستبيان لعدد من الحالات التي تعرضت للطلاق في عدد من مناطق الدولة .
|
السؤال الاول : الدرجة العلمية للزوجة: ترواح التحصيل العلمي لمجموع الحالات ما بين (غير متعلم ومرحلة ابتدائي والمرحلة الاعدادية وتعليم ثانوي تعليم عالي)، وتشير الدراسة أن الغالبية العظمى منهن وعددهن( 127) حالة على تعليم (مرحلة ثانوية) و(43 حالات) حصلن على درجة علمية متدنية (أمية إبتدائي) و22 على درجة (دبلوم، جامعة). وبلغت عدد الحالات التي حصلن على درجة ما فوق الجامعة كالماجستير والدكتواره عدد ( 8) حالات .
السؤال الثاني :- حيث كانت الخلفية للنساء المطلقات حسب المستوى المادي ونمط المعيشة والمدخولات الشهرية التي تدخل عليها : (13) مطلقات من المستوى الاجتماعي العالي ( (95) مطلقة من المستوى المتوسط و(57) من المستوى المتدني وعدد الحالات اللواتي انحدرن من أسر فقيرة بلغت ( 35) .
السؤال الثالث :- وعن الطريقة التي تم بها الاقتران بين الطرفين فقد تبين أن معظم الشريحة كانت ارتباطها بشكل تقليدي عن طريق الأهل والمعارف والأقارب” وبلغت ( 104) وهذا يشير الي تواصل الطريقة التقليدية في الزواج بمجتمع الإمارات والتي عادة ما تكون في دائرة الأهل والأقارب على الرغم من التغييرات التي عصفت بالمجتمع الإماراتي ، وبروز ظواهر جديدة أثرت على عملية الاختيار بين الزوجين ، أما عدد الحالات التي تمت بناء على معرفة شخصية قبل الزواج فقد بلغت(49 ) حالة فكانت المرأة على معرفة شخصية بينها وبين الزوج قبل الزواج ، أما عدد الحالات التي ارتبطت عبر مكاتب التزويج والتي تجمع رأسين بالحلال سواء التجارية منها أو الرسمية فقد بلغت ( 32) حالة أما التعارف عبر الإنترنت سواء كانت شخصية أو عبر الماسنجر أو الجات أو المواقع التي تنشر عناوين الراغبين بالزواج فقد بلغت ( 15) حالة والمعروف لدينا إن الزواج في المجتمع الإماراتي زواج تقليدي على الغالب ، وهذا راجع للنمط الاجتماعي السائد في المنطقة كما تبرز ظاهرة كانت ولا زالت مستمرة في المجتمع وان كانت بنسبة أقل نوعا ما عن السابق نتيجة للمتغيرات التي طرأت على المجتمع وهي الزواج المبكر والذي يسلب المرأة حريتها في اختيارها للزوج المناسب وبما أن هذا الزواج هو الأكثر شيوعا وانتشارا، فله تأثيرات على قضايا الطلاق، حيث أن عدم التوافق بين شخصية الزوج والزوجة من الممكن أن يؤدي إلى الطلاق. وكان للزواج الاجباري دون رغبة الفتاة وإختيار الأهل للزوج أثر كبير في الطلاق ، وإتضح لي هذا من خلال حديثي مع أكثر الحالات أن هذه الطريقة في الزواج له دور سلبي في طبيعة العلاقة الزوجية والجفاف العاطفي ونشؤ المشكلات بين الزوجين والتغاضي عن السلبيات والنقائص في حالة وجودها كما تبين أن بعض الأسر تتغاضى عن بعض الجوانب الاساسية التي قد تناسب الطرفين كعدم التوافق في المستوى الفكري
|
والمستوى التعليمي والمستوى المادي ، حيث نلاحظ أن معظم الحالات التي تأتي لرفع قضايا طلاق، هي بمعظمها زواج غير مرغوب به .
السؤال الرابع : – العمل المهني للزوجين: الغالبية العظمى من المبحوثات هن ربات بيوت ومثلث في الحالات (127) مبحوثة ، أما عدد الحالات التي لديها وظيفة ما في القطاع الحكومي فقد بلغت ( 73) وفي القطاع الخاص بلغ ( 33) والمطلقات اللواتي لا يزلن في قطاع التعليم فقد بلغن عدد ( 38) .
السؤال الخامس :- الفترة الزمنية للحياة الزوجية: تبين من خلال الدراسة ان فترة الحياة الزوجية لهؤلاء النساء قصيرة جدا، حيث ترواحت ما بين (3 الى 12 شهر- أقل من سنة ) وكانت عدد الحالات ( 43) ، ومن (سنة الى سنتين ) وكان عددها ( 58) . ومن (2-5 سنوات) حيث تمثلت الغالبية العظمى وعددها (77) حالة بالفئة من (شهر إلى 12شهر) وأما عدد الحالات التي أمضين فترة زمنية من حياتهن الزوجية تترواح بين (لأكثر من 10 سنوات ) فقد بلغت عدد الحالات (22)
|
السؤال السادس :- العمر الزمني للزوجين: وبالنسبة لأعمار الزوجين عند الزواج، فقد ترواحت أعمار النساء ما بين (14-18 سنة) وتمثلت ب(66حالة )من(18-24 سنة) تمثلت ب(68 ) حاله ,ومن عمر ( 24- 30 ) فقد بلغت عدد ( 39 حالة ) ومن عمر 30 فما فوق) تمثلت ب(27حالات). بما أن المرأة في كافة المجتمعات تعتبر الفئة المستضعفة والدونية، ولكن المجتمعات العربية مجتمعات أبوية تسود فيها لثقافة التي تجعل المرأة تابعا للرجل، نجد أن الكثير من الرجال ليسوا معنيين بنهوض المرأة وانعتاقها من العادات والمفاهيم الاجتماعية السائدة، وبحجة الحفاظ على تلك العادات يرون أن هذه القيم الاخلاقية تنتهك كل يوم حياتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والجنسية، ومع ذلك لا يرتفع صوت أحدهم بالاعتراض، بل إن البعض منهم يشارك في انتهاك هذه القيم سرا وعلنا؛ وانتهاك القيم الأخلاقية في السر كانتهاكها في العلن. ضعف المرأة ناتج عن عدم امتلاكها للقوة الاجتماعية التي تساعدها على أخذ حقوقها، فالمشكلة الرئيسة لا تكمن في عدم قدرة المرأة على الاستمرار في النضال الاجتماعي من أجل تغيير ظروفها الاجتماعية، بل تعي دورها ومركزها في المجتمع لما سمحت باضطهاد الرجل والمجتمع لها، فمن خلال كونها إمراة واعية لمركزها في المجتمع لما سمحت باضطهاد الرجل والمجتمع لها، فمن خلال كزنها إمرأة واعية لمركزها تستطيع أن تلعب دورا مهما في خلق المبادئ والأفكار لذاتها وفي بناء أيديولوجية لحياتها اليومية والاجتماعية ولما تختاره من مفاهيم تتحدى بها وتكون تحت ظلها.
|
السؤال السابع :- كيفية الحصول على الطلاق: حصلت معظم النساء المبحوثات على الطلاق مقابل تنازلهن عن كامل حقوقهن الزوجية ، هؤلاء النساء الللواتي بادرن بالطلاق وتمت الاجابة لطلبهن من كان عددهن ( 132) . ولكن النساء اللواتي تم طلاقهن دون رضاهن فقد لجأن الى القضاء ولم يتنازلن عن حقوقهن فكان عددهن ( 33 ) وعدد الحالات التي تم فيها بالتراضي ، ولكن لم يحصلن عليها لاعتبارات وأسباب “مقنعة لدى المحكمة” والتي كان يطرحها الزوج مثل إتهامها بقضايا أخلاقية.
السؤال الثامن : – أما الفترة الزمنية التي استغرقت في سبيل الحصول على الطلاق، فقد كانت كالتالي:(11) مطلقة حصلن على الطلاق خلال أشهر معدودة و(12) خلال أسبوع و(7) مطلقات استغرقهن ذلك مدة سنة وأكثر. (7). والطلاق في مجتمعنا العربي لا زال بيد الرجل، لا تحصل عليه المرأة الا بعد مشقة وعناء وفي ظروف أخرى تحصل عليه بعد التنازل عن كامل حقوقها الزوجية. والطلاق أحيانا يكون مستحيلا بالنسبة للمرأة، وقد لا يطلق الزوج تجبرا واستغلالا لحق قانوني جائز، وقد يطلب زوجته في بيت الطاعة عن طريق رجال الشرطة والقانون فاذا بها تجد زوجة أخرى مع زوجها. فالطلاق في مدينة البيرة كان إستثناء حيث معظم النساء حصلن على الطلاق بسرعة ما عدا حالات معدودة، لم تحصل عليه بتلك السرعة وهذا ما وجد حقيقة من خلال الحالات المدروسة، حيث سردت مبحوثة فصتها قائلة:”طلبت لبيت الطاعة ثلاث مرات وكان مطلقي في كل مرة يستأجر بيتا ويأتي بشهود ليشهدوا بصلاحية البيت من ناحية شرعية وبعد ذهابهما يطردني وأطفالي”.
فالشرع الاسلامي كما نعرف صريح ويقول “الطلاق مرتان إمساك بمعروف أو تسريح باحسان” ولا يقول تشبثوا بالنساء لمجرد إذلالهن وقهرن، والقصد من الطاعة ليس الاستغلال والاضطهاد من الرجل وهل اذا رفضت المرأة كل هذا يحق لزوجها ان يطلبها في بيت الطاعة ويتزوج عليها أثناء ذلك.! وهنالك قول شهير لعمر بن الخطاب “متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” فمن المرأة إذن ان ترفض الاستبعاد والذل.
كون أن بعض الجهات القانونية تتجاهل الحقوق التي تسعى لنيها الزوجة المطلقة أو بالأحرى لا تفرض رقابة حازمة على تنفيذها، مما ساهم في تكريس نهج إنتهاك الكثير من الحقوق التي تستحقها الزوجة ، وهذا ما ينطبق على قضايا الزواج والطلاق بالنسبة للمرأة حيث لا يكون لها دور إيجابي بصدهما.
السؤال التاسع :- ما هي أبرز أسباب حدوث العنف: برز تشابك وتداخل بين كافة أسباب ودوافع العنف، كان للانحراف الخلقي وإقامة العلاقات الغير مشروعة والخيانة الزوجية نصيب كبير من عدد الحالات ، وتمثل ذلك ب(102) حالة مع إشتراكهن في قضايا أخرى مثل ( العناد واهمال الزوجة ، وعدم الانسجام العاطفي،). أما النساء اللواتي كان السبب في طلاقهن الضرب، تمثلن ب (33) حالات مع إشتراكهن أيضا في قضايا أخرى والتي ذكرت سابقا، بالاضافة الى الزواج من أخرى. وعن طلاق النساء لتعاطي أزواجهن المخدرات أو الكحوليات ظهر بين الحالات(14) مبحوثات تقاطعن مع زميلاتهن اللواتي كان السبب في طلاقهن الضرب وعدم الانسجام الجنسي والعاطفي أما تدخل الأهل أومشكلة السكن مع الاهل فكان لهم دور كبير في حدوث حالات العنف بين الزوجين فكانت عدد الحالات ( 39) .
وعن الزواج من زوجة أخرى تمثلن ( 12) حالة مع إشتراكهن في أسباب أخرى،الهجر الغير مبرر ، وعدم الانسجام العاطفي. وقد كان للانسجام الجنسي والعاطفي نصيب كبير والذي تكرر لدى معظم الحالات كونه سبب ثانوي، إشتركت به معظم النساء ولم يطرحنه كسبب رئيس للعنف، وحالات فقط من اللواتي اعتبرنه السبب الرئيس في حدوث العنف، ومن المبحوثات وجدنا العديد من الحالات بسبب مشكلة السكن مع الأهل والزوجة الأخرى وما ينجم عن ذلك من تدخل الأهل بالأمور الزوجية، تدبير شؤون المنزل، تنظيم العلاقة مع بقية أفراد الأسرة وعدم إعطاء مصروف للزوجة، وكان هؤلاء أيضا قضايا مشتركة كانت سبب من أسباب الطلاق منها طبيعة أفكار الزوج اتجاه المرأة وعدم الانسجام الثقافي والانسجام الجنسي وتعاطي المخدارت والضرب. ، ولكن تبين أن هناك أسباب أخرى، والتي كان من ضمنها أسباب اعتبرنها المرأة ثانوية، لكنها في صلب الموضوع وهي عدم الانسجام الجنسي والعاطفي ويجدر الاشارة هنا، لماذا هؤلاء النساء لا يطرحن هذا الموضوع بصراحة؟ والجواب، لأن مجتمعنا العربي مجتمعا مغلقا وخاصة في قضية الثقافة الجنسية حيث تعتبر من المحرمات والممنوعات في مجتمعنا وخاصة بالنسبة للمرأة، كما ذكر سابقا كان لعدم الانسجام الجنسي حالات بسيطة فقط ممن أشرن على أنه كان سببا مباشرا ورئيسا للطلاق والباقي إعتبرنه من ضمن الأسباب الثانوية والمساعدة، ولكن الحقيقة تختلف، وإختلافا نابع من أن هذا السبب “ الثانوي” تكرر عند معظم النساء.
لا والسبب عدم جرأة المرأة على طرح هذا الموضوع أمام القاضي لمدى حساسيته عندها ، فكيف لها ان تطرحه أمام القاضي وكلنا ندرك خلفية التنشئة الاجتماعية والثقافية اتجاه تلك القضية في مجتمعنا.
أما عن مشكلة غياب الزوج وتقاعسه عن اداء واجباته اتجاه زوجته وابنائه ، وما يترتب عليها من إجراءات، وما يتبع ذلك من مشاكل، مثل السكن مع الأهل، وتدخلهم بحياة الزوجة، وما يرافقه من تحكم بها، وتقييد حريتها واستلاب حقها بالتصرف في القضايا التي تخصها. فكان لها نصيب كبير كسبب من أسباب الطلاق
|
السؤال العاشر :- نظرة المرأة المطلقة لنفسها: أجابت (43) حالة بأنهن شعرن عند الطلاق بالراحة والخلاص من العبودية والاضطهاد، سواء من قبل الزوج أو أهله. و(41) حالة أجبن بأن شعورهن امتاز بالقلق والخوف من الأهل والمقربين ونظرة المجتمع لهن كمطلقات واجابت ( 62 ) من عدد الحالات بعدم الاستقرار والتعرض لبعض الانهيارات النفسية والانعزال عن الآخرين وتجنب الاختلاط بالآخرين وتفضيل الجلوس في الغرفة بشكل انفرادي والتوتر والقلق نتيجة الانفصال ، وأجابت عدد ( 32) بالخوف من المستقبل الغامض وعدم الثقة بالنفس ، أما الحالات التي انتابها التفكير في الزواج مرة أخرى فكانت عددها ( 22) كما تبرز مشكلة أخرى تنتاب الزوجة المطلقة وهي طبيعة نظرة الأهل لها ولنفسها خاصة وإنهن حصلن على الطلاق بالرغم من معارضة أهلهن لفكرة الطلاق ومحاولتهم الجادة للحيلولة دون وقوع الطلاق ، ولكن على الرغم من ذلك فقد تم الطلاق. وكانت معارضتهم نابعة من العادات والتقاليد ونظرة المجتمع وتأثير ذلك على فتيات العائلة اللواتي لم يقترن بعد ، ومقابل هذه الموافقة نابعة من الحرص على حياة ومستقبل بناتهن ولماهية الظروف الصعبة التي تعيشها المرأة في ظل حياتة زوجية غير متكافئة، هؤلاء الأهل كانوا قلقين على مستقبل بناتهن بعد الطلاق، ومن نظرة الناس والمجتمع لهن، حيث قالوا أن كلاههما مر بالطلاق أحلى الأمرين.
أما في ما يتعلق في الأثار المترتبة على الطلاق بخصوص المرأة، لقد وجد في الحالات نساء تعرضن لمشاكل نفسية، مثل الانطواء على النفس والعزلة تنيجة لكلام الناس ونظرة المجتمع لهن وبلغت الحالات عدد ( 69) ،. ولكن الأثار الإجتماعية المتعلقة بالخوف من كلام الناس والحديث المترتب على خليفية الطلاق كانت أكثر من النفسية، حيث تتعرض الزوجة المطلقة لموضع علامة إستفهام حولها وخاصة النساء والمقربين والاصدقاء ،وتتوالى عليها الاسئلة المتعلقة بأسباب الطلاق والتفاصيل المتعلقة بها و لماذا طلقت من زوجها؟…الخ. كما تخشى المرأة من تعرضها لضياع حريتها وانتهاك حقوقها الإنسانية فالمرأة المطلقة في المجتمع ترى نفسها مستغلة وعرضة للاستغلال من قبل الآخرين وخاصة فئة الرجال . ومن المشاكل الإجتماعية التي تواجهها، قلة الفرص المتوفرة لديها في الزواج مرة أخرى لاعتبارات إجتماعية ، حيث تكون فرصتها الوحيدة في الزواج من رجل أرمل أو مطلق أو مسن. وكما جاء في الحالات بأن معظمهن من النساء اللواتي يفتقرن للمهنة ذات القيمة، وبناء عليه فان مستقبلهن غير واضح ومظلم. ومما لا شك فيه أن انعدام المورد الاقتصادي يلعب دورا خطيرا في مآسي الأمهات المطلقات من المعروف أن لكل مشكلة سبب ونتائج مترتبة عنها وهذا ما كان بالنسبة للطلاق ، حيث إنعكست أثارها على المرأة ، وتمثلت بالأثار الاجتماعية والنفسية على الزوجة المطلقة ، وفي هذا الجانب أجابت مبحوثتان لديهما أطفال بأن أثار الطلاق على أطفالها لم تكن سلبية بل على العكس، تخلص الأطفال من التوترات اليومية. وبالمقابل أجابت عدد من الحالات وبلغ ( 68) بأن الطلاق ترك بصماته وأثاره السلبية على نفسياتهن حيث تشتت أفكارهم آلي جانب التفكير العميق بمصير الابناء وتشردهم ما بين عائلتي الأب والأم. وحرمانهم من أبسط حقوقهم وهي العيش في أمان واستقرار في ظل الوالدين، فالطلاق بالنسبة للطفل الذي تعود رعايته الى أمه، كما أبدى عدد ( 98) من المطلقات بتأثرهن من عملية الطلاق بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خاصة إذا كانت الزوجة ربه منزل ولا تعمل ، فغالبا ما تكون أشد حاجة إلى الاحتياج المادي وتلبية احتياجاتها المادية التي كان يوفرها الزوج في السابق ، حيث أن معظم النساء في الدراسة هن ربات بيوت ولا يعملن شيئا، لذلك لم يكن للمطلقات موردا تعيش منه سوى زوجها وعائلتها.
|
السؤال الحادي عشر :- عن نظرة المطلقة لمستقبلها بعد الطلاق كما ذكرنا سابقا فان معظم المطلقات كن ربات بيوت، ولكن بعد الطلاق بدأ تفكيرهن بمستقبلهن يأخذ منحى جديد، حيث أن البعض منهن فكرن بالعودة الى مقاعد الدراسة، سواء لاكمال تعليمهن الثانوي أو الجامعي، وقسم آخر إتجه الى التعليم المهني، بهدف تعلم مهنة ذات قيمة تعود بمردود اقتصادي عليهن، وأخريات توجهن للبحث عن عمل ليعتمدن على أنفسهن اقتصاديا، وبعضهن لم يحالفهن الحظ في الحصول على وظيفة أو لم تتح لهن الفرصة لاكمال تعليهمن، حيث لم يكن لديهن مؤهلا يساعدهن على ذلك. وعدد بسيط من العينة ممن كن بالأصل موظفات في مؤسسات ولم يتركن عملهن، إضافة الى طالبة واحدة لم تترك مقعد الدراسة.
أجابت بعض النساء المطلقات على طبيعة نظرة المجتمع : أجابت (76) من الحالات بأن نظرة المجتمع لها سلبية ومجحفة وغير عادية، فالرجل لا ينظر الى المرأة المطلقة الا ما ندر، قالت إحدى الاخوات من أصحاب الحالات : عندما كنت أخرج للعمل قبل الزواج لم يكن هناك معارضة من الأهل أو حتى من الزوج ، لكن بعد الطلاق تكاثرت أحاديث وأقاويل الناس، وتغيرت نظرتهم الي لأنني مطلقة.. و(83) مبحوثة أجبن بأن نظرة المجتمع تنم عن تعاطف وشفقة عليهن ولا يعني بالضرورة انها نظرة ايجابية للمطلقة. وتنبع نظرة التعاطف هذه لكون المرأة أصلا تعتبر ضعيفة كما أنها مستغلة ومضطهدة في المجتمع.
بينما اجابت حوالي ( 22 ) بأن نظرة المجتمع لها تفوح منها رائحة الاستغلال وتقديم المساعدات على حساب شي ما وخاصة عندما تتقدم الزوجة المطلقة بطلب مساعدة لها ولأبنائها .
السؤال الثاني عشر :- سكن النساء بعد الطلاق: لقد سكنت معظم النساء مع عائلاتهن بعد طلاقهن ، ما عدا حالتين من مجموع الحالات، إحداهن لأن زوجها خارج البلاد، بقيت في بيتها مع أولادها والأخرى استأجرت بيتا لتعيش مع أطفالها. حضانة الأطفال: كما ذكرنا سابقا لم يكن في الحالات المدروسة عدد كبير من النساء المنجبات، فقط خمس نساء هن المنجبات، وكسبنا حضانة أطفالهن، ما عدا حالتين لم تكسبا قضية حضانة أطفالهما، وتركت رعياتهم للزوج وأهله. ومن المفاهيم الاجتماعية السائدة عم الطلاق، والمتبعة في مجتمعنا، ان على المرأة المطلقة أن تذهب مباشرة الى بيت أهلها، وهذا يتناقض مع ما ينص عليه الشرع الاسلامي. فالشرع الاسلامي ينص على بقاء المرأة في بيت الزوجية خلال فترة عدتها ومع زوجها داخل البيت لكن دون علاقة زوجية (المعلومات من المحامية حنان ريان البكري). وهذا يعني أنه في كثير من الحالات تطبق العادات والتقاليد، بدل من النصوص الشرعية المبنية على أساس الشريعة الاسلامية. وهذه الشريعة التي ترتكز على القرأن وأحاديث الرسول وتفسيرات علماء الدين لتلك الآيات والأحاديث.
السؤال الثالث عشر :- التفكير والمبادرة بطلب الطلاق: أشارت الدراسة لوجود (96) حالة طلاق من بين المبحوثات ، بادرن بطلب الطلاق من الزوج ، أما عدد الحالات التي تم فيها الطلاق دون رغبتهن وكانت عن طريق المحكمة أو كانت طلقة غيابية دون علمها أو رغبتها في الانفصال عن زوجها فبلغت (27) حالة ، اما عدد الحالات التي كانت بتدخل من الأهل أو سعيهم لطلاق ابنتهم كتدخل الأب أو الأخ أو أفراد العائلة فكانت عددها ( 56) حالة أما عدد الحالات التي كانت المحكمة فيها الفصل حول تطليق الزوجة من زوجها فبلغت حالاتها عدد ( 11)
|
من خلال ما ذكر، نلاحظ أنه توجد دوافع وعوامل ساعدت المرأة على الجرأة والمطالبة بالطلاق من الزوج وأن تكون هي المبادرة في ذلك ، وتعود هذه الجرأة حسب اعتقادي، الى التغيرات الاجتماعية التي أثرت على المرأة وجرأتها في طلب الانفصال عن زوجها متجاوزة أعراف المجتمع التي ينكر عادة هذا الأمر خاصة أن معظم المبادرات تتم بصورة علينة وأمام الجهات المختصة وحتى دون علم الأهل كما تبين من بعض الحالات التي التقيت بها وهذا يدل بوضوح آلي الاستقلالية التي تتمتع بها المرأة في اتخاذها قرارات مصيرية بالنسبة لها ، وهذا يرجع تبعا لتلك التغيرات والمفاهيم ومدى تدخل الأهل نحو تلك المشاكل ، وأصبح لديها القدرة على اتخاذ القرارات بمعزل عن الزوج وأهله، كما أن إطلاع الجيل الجديد من النساء على ثقافات وتجارب مختلفة ، ساهم في مدى وعيهن وإدراكهن لحقوقهن وتبعا لذلك ساهمت النساء في تغيير مفاهيم الأهل ، خاصة نحو مشكلة الطلاق، مما دفع بهم للوقوف إلى جانب بناتهن في اتخاذ قرار الطلاق في كثير من المواقف على عكس ما كان يحدث سابقا من رفض الأسرة طلاق ابنتهن تحت أية ظروف كانت تجنبا للفضيحة وكلام الناس وتأثيرها على سمعة العائلة ، فظروف الزوج وغيابه وتقاعسه عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته وغيرها من الأسباب سهل على المرأة بان تجرؤ على اتخاذ قرار الطلاق دون انتظار أن يبادر الزوج ويرسل لها ورقة الطلاق. وكان هذا واضحا من خلال دراسة الحالات ومقابلة النساء اللواتي طالب معظمهن بالطلاق.
السؤال الرابع عشر :- نيل حقوق الزوجة بعد الطلاق: ويقصد بها الحقوق المثبتة بقانون الأحوال الشخصية والمتمثلة بالنفقة،والحضانة، والمهر المؤجل، وتوابع المهر وما يخصهن من الممتلكات. كما قلت سابقا أن معظم النساء تم حصولهن على الطلاق مقابل “الإبراء التام” أو الخلع ، أي تنازل عن كامل حقوقهن الزوجية أو التنازل عن المؤخر ونفقة العدة ، وما يخص النفقة الزوجية، فقد وجدت في الحالات أن معظم النساء لم يطالبن بالنفقة عبر القضاء إطلاقا والبعض منهن كن يتنازلن عن حقوقهن بالاجبار كرفض الزوج الطلاق أو أن يجعلها معلقة دون طلاق والبعض الآخر لم يعرفن بالحقوق المستحقة لهن لجلهن أو عدم توفر الخليفة القانونية والشرعية ، كما أن البعض قد انشغل بالحصول على الطلاق في المقام الاول ولم يهمن الحصول على الحقوق بالدرجة الاولى ، فمن خلال الحالات وجدنا آن عدد (68) من مجموع الحالات المبحوثة ، لم يحصلن على حقوقهن الشرعية المترتبة ما بعد الطلاق وذلك لعدة أسباب ، على الرغم من إن الشرع الإسلامي يمنح حق النفقة الشاملة للزوجة والأطفال وكسوتهم ومأكلهم ومشربهم ورعايتهم وتعهدهم ناهيك عن حقوقها في الحضانة واجرة الخدمة وتوفير المسكن الشرعي وتحمل كافة النفقات المتعلقة الدراسة والعلاج ،وفق الشروط المنصوص عليها شرعا والمتبعة في دوائر القضاء ، أما عن عدد الحالات التي تستحق النفقة فعلا لوجود أطفال لديهن وتنطبق عليها الشروط الأخرى كالنفقة أو المؤخر أو سداد مال في الذمة ـأو نفقات سابقة فقد، تمثلت ب(51) حالة وحصلت على حقوقها كاملة وفق أحكام قسم التوجيه أو بالتراضي بين الطرفين دون تدخل الآخرين أو معالجة قسم التوجيه الأسرى في التوصل إلى اتفاق بينهما و(13) حالات تضررت من جراء الطلاق وتمثل الضرر، بفقدان المرأة أطفالها أوبيتها ، اما من حصلت على شي من حقوقها وليست كلها فكانت (48) وذلك عن طريق المحكمة وإلزام الزوج بذلك عبر التنفيذ أو بالتهديد أو بالالزام ، و(20) حالات تم التنازل عن حقوقهن بالتراضي .
من خلال المعلومات التي حصلت عليها من الميدان عن القضايا التي تتعلق في قانون الأحوال الشخصية تبين أن الدور الذي تلعبه المرأة دورا سلبيا حيث تنازل معظم النساء عن كامل حقوقهن الزوجية والاجتماعية مما أتاح المجال للرجل لممارسة ذلك كورقة ضغط على المرأة لتطالب بالطلاق ولن تحصل عليه الا بعد تنازلها عن كل ما تملك وأطفالها وكان هذا نتيجة الجهل وعدم الوعي لحقوقهن الاجتماعية وعدم معرفتهن بقانون الأحوال الشخصية. وكذلك عدم متابعتها للقضايا التي ترفعها (النفقة، الحضانة، وحصولها على ممتلكاتها…الخ). وهناك قضية مهمة تتمثل بسماح المرأة لزوجها بالسفر بعد فترة قصيرة من الزواج مما يساهم في التباعد بينهما وعدم فهم كل منهما للآخر، وبالتالي يؤدي الى عدم التوافق والانسجام في معظم القضايا التي تخص الاثنين.
خلاصة القول أن سن القوانين وتنفيذها هي أفضل الطرق لتحسين الاوضاع الحالية وانعكاساتها على المرأة في المجتمع. لكن القوانين وحدها ليست كافية في أحداث التغيير المطلوب بالمجتمع ،حتى لو اعتمدنا على التركيز على تغير الأفكار والمعتقدات الضاربة جذورها المستمدة من العادات والتقاليد التي يتمسك البعض بها حتى اكثر من الشريعة الاسلامية نفسها . كما إن فرض هذه القوانين من أعلى لا تحل المشاكل ولربما تزيد في التعقيدات والصراع وأن كان قانون الاحوال الشخصية التي طال انتظاره ويترقبه الكثير بشي من التوتر والترقب لما سيحدثه من تغيير على مستوى العلاقات الاسرية .
إن التغيرات الذي سيحدثه قانون الأحوال الشخصية إذا لم يعقبه تغيرات جذرية حقيقة في طبيعة العلاقات الاسرية ونظرة المجتمع للعلاقة الزوجية والرقي بشأنها وغرس جذورها في عقلية الجيل القادم وتأصيل تلك المفاهيم وتعميقها في نفوس أبناء وبنات المجتمع لا يمكن أن تحل شيئا. حيث أن غالبية الازواج في المجتمعات العربية الاسلامية هن اميون في الثقافة الاسرية ويفتقرن للتعليم المتعلق بأسس العلاقة الزوجية وتقديس الحياة الزوجية والحرص عليها ، كما يجهلون ابجديات الحياة الزوجية والمقومات الصحيحة التي تساعد على نمو العلاقة الزوجية وكيفية التعامل مع المشكلات التي تتعرضهم وأليه حل المشكلات وطرق مواجهتها ، ويتمسكون بالعادات والتقاليد في التعامل مع مشاكلهم .
وأخير فالتغير في المفاهيم الاجتماعية والعادات وكذلك في قانون الأحوال الشخصية يحتاج الى وقت وجهد كبيرين، فالنساء يشعرن باجحاف هذه العادات والقوانين لحقوقهن الاجتماعية، والرجال يشعرون بالتهديد من هذه الفكرة “فكرة التغيير” لأنهم يعتبرون ذلك إعتداء على حقوقهم التي منحها المجتمع والدين وثقافة التنشة الاجتماعية لهم.