عادة ما تسبق عملية الطلاق الشرعي مؤشرات تنذر بوقوعها تبدأ بتوقف الاتصالات العاطفية بين الطرفين في بداية الأمر ومن ثم تبدا العلامات الأخرى في الظهور عبر الممارسات السلبية كفشل التكيف والتقارب بين الزوجين و تتوالد الازمات والمشاكل دون المبادرة لحلها بأسلوب صحيح ، كما آن عدم قدرة الزوجين على احتواء المشكلة وجهلهما في التعامل مع الازمة القائمة كفيلة بأنهاء العلاقة بصورة سريعة , وقد يلجأ البعض لاعتبارات كثيرة لابقاء الزواج صامدا في شكله الخارجي بينما يحدث الانفصال الكامل بين الزوجين في داخل غرف المنزل, فلا حوار ولا تعامل ولاحقوق ولا واجبات, انفصال او طلاق نفسي يتحرك خلاله الزوج خارج المنزل كما يشاء وتمارس الزوجة دورا ثانويا .
ومن الحالات التي تعاملت معها إحدى الزوجات اللواتي أعطت كل حياتها لزوجها على حساب نفسها ، فكان الزوج يفضل البقاء معظم الوقت مع أصدقائه خارج المنزل، وإذا لم يخرج فإنه كان يسهر إلى أوقات متأخرة أمام شاشة التلفزيون يشاهد الأفلام العربية القديمة أو ينشغل في الصالة الرياضية الخاصة بها ، ولأنه سئم من إهتمام المبالغ به فكان يتعمد الإبتعاد عني بسبب إهمالي في نفسي وزيادة وزني وعدم فهمي للكثير من الأمور التي يتحدث بها معي ، لكني قررت أن أزكر على ذاتي بأي وسيلة، وأول شيء قمت بعمله هو الإنتساب لإحدى صالات الرياضة من اجل الرشاقة الجسدية وحضور بعض الندوات والدورات التدريبية لتطوير الذات لأفاجئ زوجي بما تعلمته، والحقيقة فإن زوجي سعد كثيرا بمفاجأتي له عندما رأى هذا الأهتمام بنفسي ، ومما زاد في بهجته وسعادته أن وزني نقص كثيرا عما كنته في السابق بسبب التدريبات اليومية وتغيير نظام الأكل المنزلي ، خاصة وأنه كان دائم الانتقاد لمظهري الذي تغير كثيرا بعد الزواج والإنجاب في حين بقي هو محافظا على رشاقته وأناقته، هكذا قهرت الملل وشبح الطلاق بذكائي .
ويؤكد المحرزي بأنه لا يوجد زوجين ألا ولديهم معاناة من هذا المرض المستشري ، ولكن الاختلاف يكون بحسب نسبة الجفاف ودرجته وفقا لشدته والمجال الاجتماعي الذي يحدث فيه، فهناك الجفاف العاطفي الخفيف، وهو افتقار الفرد لجانب من جوانب العلاقات الاجتماعية بدرجة بسيطة أو متوسطة ينتهي بمبادرة بسيطة من الشريك ،أما الأشد فهو الجفاف العاطفي الحاد، ويعني افتقار الفرد الشديد للعلاقات الاجتماعية والتواصل الاجتماعي الإيجابي مع وبين الآخرين، وهي النوعية يجب تحويلها إلى العناية المركزة من المستشارين الأسريين لإنقاذ ما يمكن تداركه ، وهناك حالات زوجية انتهت فيها تقريبا المشاعر العاطفية بشكل نهائي .
ويعزو المستشار المحرزي السبب في استفحال هذه الظاهرة إلى الانشغال بالأمور العملية او الأمور النفسية التي يمر بها الشخص ، كالزوجة التي تنشغل بأبنائها او زياراتها لأهلها ورفيقاتها ، والزوج بعمله وأصحابه ناهيك عن غياب الثقافية الزوجية حيث يعاني الكثير من الأزواج من الأمية الأسرية ، وعدم وجود دورات تربوية ، وغياب أهداف للزواج أو عدم وضوحها وعدم تحمل أحد الزوجين المسؤولية ، وعدم الاهتمام بالطرف الآخر وتجاهل مشاعره ، والجهل في الاهتمام بتربية الأبناء وغياب الثقافة الجنسية وتراكم المشكلات الزوجية دون حل حتى يشعر الطرفان بثقلها وبروزها في حياتهم إلى جانب العلاقات العاطفية المتعددة والتي تلعب الدور الرئيس في توقف المشاعر بين الطرفين .