من المسائل الضرورية التي ينبغي الأخذ بها عند الاختيار ، سلامة البدن من الامراض ، لما لها من اثر ايجابي على سلامة الذرية والابناء ، والكثير من الازواج لا يعيرون لهذه المسألة الاهتمام المناسب ، ولا يجعلها من ضمن المراحل الاساسية التي تسبق مرحلة الزواج ، والحق لو أننا تفحصنا هذه المسألة من الناحية الصحية والدينية والواقعية ، لاقدمنا على العمل به كإحدى أهم مراحل تكوين الاسرة ، فلو يعلم المتقدمون للزواج ما للفحص الطبي الذي يسبق النكاح من فوائد عظيمة تعود بالخير عليهما ، لما ترك الزوجان هذا الأمر وعضا عليه بالنواجذ ويكفى أن نطلع على أحدث دراسة قامت عليها اللجنة الطبية بإمارة أبوظبي ، إذ بلغت نسبة الوفيات بين الاطفال قبل الولادة التي تعود الى التشوهات الخليقة حوالي ( 31,5 % ) من مجموع الوفيات . هذا ويقدر عدد المعوقين جسمياً وحسياً وعقلياً بحوالي 450 مليون شخص، أي بحوالي 10% من مجموع سكان العالم، وفي التقديرات الحديثة لهيئة الصحة العالمية يرتفع هذا الرقم (ليبلغ حوالي 13%). والأسوأ من ذلك أن المشكلة تزداد جسامة، سواء على المستوى الكمي أو الكيفي، فالفحص الطبي لا يقلل من قيمة الرجل ، أو أنه يبرئ ساحة المرأة من الاتهام بشرفها كما يظن البعض ، لان الكثير من أفراد المجتمع قد أخذتهم فكرة الفحص الى منحى آخر ، لانهم يرون أن ذلك ينتقص من كرامتهم أو رجولتهم ، فالفحص الطبي يعتبر ضمانا لمستقبل العائلة في المستقبل ، وحفاظا على سلامة الابناء والمجتمع .
وقد حث الشرع به كما جاء عن النبي (ص) ( فر من المجذوم فرارك من الأسد ) ( رواه البخاري ) وفي موضع آخر يقول النبي (ص) (لا يوردن ممرض على مصح ) فلو وجد أحد الزوجين بأن الطرف الآخر مصاب بمرض معين قبل العقد وتعمد إخفائه ولم يخبر به صاحبه ففي هذه الحالة يحق للزوج السليم ان يطلب فسخ العقد وابطال الزواج وفق الضوابط والقواعد التى وضعها الفقهاء في المذهب الشافعي والحنفي والمالكي والحنفي ، لانه يعد من قبيل التغرير ولأن السلامة من المرض في الإنسان هو الأصل أما إذا أخبر المريض الطرف الآخر بمرضه ورضي به صراحة أو دلالة فقد سقط حقه في طلب التفريق .
فالفحص الطبي يتيح لنا معرفة الحالة الصحية للمقبلين على الزواج لانه في حالة اكتشاف إصابة أحد الطرفين بمرض لم يعلم بإصابته به من قبل ، فيستدرك ذلك ويخضع للعلاج الطبي قبل الزواج ، حيث أن الجسم يحتوي على حوالي مائة ترليون خلية ، وكل خلية تضم بداخلها نواة يتمركز فيها المادة الوراثية على شكل كروموزمات ، يطلق عليها جينات ، تحوي حوالي 100ألف جين ، وكل جين منها مسؤول عن تكوين بروتين معين مثل الهيموغلوبين والهرمونات ، فالمرض الوراثي ينشأ عن خلل في الكروموزمات من ناحية العدد أو التركيب ، أو حتى خلل في الجينات نفسها
وقد رصدت المراكز الصحية مع كثير من المترددين من المقبلين على الزواج حالات مصابة ببعض الأمراض التى لها تأثير على العلاقة الجنسية مستقبلا ، مثل مرض السكري الذي يؤدي إهماله الى الإصابة بالعنة وعدم الممارسة الجنسية بصورة سليمة ، إضافة الى أمراض التهاب مجرى البول والجهاز التناسلي
فإصابة أحد الزوجين ببعض الأمراض وخاصة أمراض الجهاز التناسلي تؤثر بشكل كبير على مسيرتهما الزوجية ، لان صحة الوالدين له دورا مهما في سلامة وصحة الأبناء خاصة الام لتأثيرها المباشر على الجنين الذي يتغذى وينمو داخل أحشائها وقد يكتسب أمراضا وراثية مثل فقر الدم ( الأنيميا ) ومرض السكر والثلاسيميا وغيرها ، حتى ان بعض الدول قد تنبهت لهذا فعمدت الى تطبيق الفحص الطبي على المقبلين على الزواج كجمهورية فرنسا حيث جعلت الفحص إلزاميا لكل من يتقدم للزواج وكذلك فعلت الأردن.
، روى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها فوجدها برصاء أو مجنونة فلها الصداق بمسها إياها ويرجع على من غرره ) ( كتاب الأم للشافعي الجزء 5 ص 76 ) وقال علي بن أبي طالب : أيما امرأة نكحت وبها برص أو جنون أو جذام أو قرن فزوجها بالخيار ما لم يمسها إن شاء أمسك وإن شاء طلق )
جاء في مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية الذي أقره وزراء العدل العرب بالمادة 103 ما يلي ( لكل من الزوجين طلب التفريق لعلة في الآخر لا يرجى منها برء أو يرجى بعد مضى أكثر من سنة ، عقلية كانت العلة أم عضوية ، أصيب بها قبل العقد أو بعده ، علمها الآخر قبل الدخول أو بعده ، ولم يرضى بها ، أما إذا كانت العلة يرجي منها برء قبل مضى سنة ، فتمنحه المحكمة أجل سنة قبل التطليق.
من الأمور المحتملة أن يتردد كثير من الشباب في إتمام الزواج لعدم القبول النفسي لهذه الإجراءات، وتخوفهم من النتيجة التي سيفصح عنها بياناً لما سيلحق بذرياتهم أو بهم أنفسهم في مستقبل حياتهم، هذا فضلاً عما يقتضي ذلك من تحميلهم أعباء مالية جديدة، وخاصة أن المتخصصين يبينون أن الاختبارات التي تتعلق بالجينات والكروموزمات تتطلب مبالغ باهظة، لايقدر عليها الشاب متوسط الحال الذي ينوء كاهله بتكاليف الزواج الباهظة.. وهذا ما يتنافى مع الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة- أي القدرة على الزواج- فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» أي وقاية.
الأمر الآخر المتعلق بتلك القضية، هو سهولة الحصول على الشهادة الطبية التي تثبت سلامة الشخص من العيوب الوراثية أو الصحية في بلاد العالم الثالث، الذي تنتمي إليه البلدان الإسلامية مما يهدم الهدف من الاختبار، ويفتح باباً لمخالفات أخلاقية يرفضها الشرع، من مجاملات وخداع للآخرين الذي يقبلونه زوجاً لبناتهم بناء على هذا الاختبار. ونفس الشيء ينطبق على الفتاة التي بها عيوب.. مما يجعل أهلها يلجأون إلى الرشوة لإتمام هذا الاختبار المزور مما يجعله يحل في طائفة الملعونين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش»
فإن كان هناك ضرورة لإجراء مثل هذه الاختبارات الوراثية للمقبلين على الزواج فأرى أن تكون اختيارية وليست إجبارية، وأن نعمل على تعميم الوعي بأهمية تلك الاختبارات، لا أن نجبر الشباب والفتيات عليها لتكون اختياراً شخصياً.
فوائد الفحص الطبي :
- – ان يكشف عن الأمراض او العاهات الخفية ، ان كانت عند أحد منهما .
- – إتاحة الفرصة للتداوي فيل الزواج فيما لو كان عند أحدهما حاجة الى ذلك.
- – ان الفحص يمكن الزوجان من اجتناب كثير من الأسباب المزعجة والمنفرة لكل منهم ، وهذا ما يجعلهم يكيفون حياتهم الزوجية على أساس صحي سليم.
- – ان الفحص يسبر غور الآلة الجنسية لدى الخاطبين ، وهذا يظهر ان كان عند الخاطب مرض جنسي خطير كالهربس أو الزهري أو فطريات وطفيليات الجهاز التناسلي او غيرها من الأمراض.
- – الكشف من قبل الطبيبة لمعرفة سلامة الأعضاء التناسلية للمخطوبة وللوقوف عن كثب في معرفة سلامة غشاء البكارة الى درجة تجعل تمزيقه عند الجماع الأول صعبا يبعث على آلام الشديد.
- – الكشف عن زمرة الدم ، لمعرفة إمكان الحمل السليم.
- – يجنب الفحص الطبي خيار الاجهاض ، اذا ما كان الجنين مشوها .
- – دور الفحص الطبي في الوقاية من أمراض الدم الوراثية كفقر الدم المنجلي والثلاسيميا وأنيميا المنغلية وغيرها من الامراض ذ .
- – يجنب الطفل من حالات الوفاة المبكرة ، والتي تصيب الاطفال نيجة التلوث الميكروبي .
- – يمكن تحصين الابناء من التعرض لبعض الامراض الوراثية ، التي يمكن أن تنتقل عبر الأبوين الحاملين لهذا المرض .
- – الاطلاع على تاريخ العائلة الطبي ، لمعرفة أمراض سابقة أو متوارثة ، أو إذا كان في تاريخ العائلة أحدا مصاب بمرض معين ، وتقييم الحالة الصحية لكلا الزوجين ، لأن تاريخ العائلة الطبي يثبت ان كانت مصابة ببعض الامراض الوارثية ، ومدى تناقلها بين أفراد العائلة عن طريق الوارثة .
نتائج سلبية لعدم إجراء الفحص الطبي
- إجهاض متكرر في أشهر الحمل الأولى.
- وفاة الجنين داخل الرحم.
- ولادة أطفال بتشوهات خلقية ، بسبب التدخين فقد نشرت الإحصاءات في أمريكا بأن 50 ألف شخص قد توفوا بالسرطانات نتيجة تدخين الزوج.
- حدوث إعاقات ذهنية للأطفال.
- وفاة الأطفال في الأسابيع الأولى بعد الولادة ، حيث أكدت منظمة الصحة العالمية للأمم المتحدة في تقريرها السنوي خلال عام 1997م أن 550 ألف طفل أصيبوا بالإيدز عن طريق الأمهات.
- اختلال بعض الخلايا التي تسبب التشنجات المتكررة ، بسبب نقل أحد أطراف الأسرة مرضا معديا .
- عدم الفحص يؤدي الى تشوهات خلقية مما يؤدي الى زيادة نسبة الوفيات بين الرضع أو انها قد تسبب لهم اعاقات جسدية أو عقلية مختلفة .
8- أمراض الدم ( أنيميا البحر المتوسط ) والتلاسيميا هو مرض وراثي مزمن وغير معد يصيب دم الإنسان ويحتاج لعلاج مدى الحياة بتناول يومي لدواء يسمى طبيا “الديفيرال” وإجراء عمليات نقل دم شهرية للمريض لإزالة الحديد الزائد منه قبل أن يتسرب إلى لجزاء أخرى من الجسم ، وهذا المرض يبدأ بالظهور عند عمر ستة اشهر وتتمثل أعراضه بصعوبة في الرضاعة واصفرار وشحوب وهبوط في قوة الدم وقيء وإسهال وتكرار في الالتهابات وتضخم في البطن.
وعقب تشخيص المرض تبدأ مسيرة العلاج بنقل الدم بانتظام للمريض للحفاظ على خضاب الدم (الهيموجلوبين) بدرجات طبيعية لدى المرضى الذين لا يعاني بعضهم من تشوهات في شكلهم الخارجي ويبقى منظرهم طبيعيا.
وأخيرا فان حاملي جين التلاسيميا ليسوا مصابين بالمرض وإنما هم يحملون السمة الوراثية المسببة للمرض.
واخطر ما في الأمر بل والأكثر إيلاما، إن المرض الذي تكثر الإصابة به في الدول الواقعة في حوض البحر المتوسط ليس منه شفاء كامل وغالبا ما يتوفى المصابون به قبل بلوغ سن الثلاثين.
8- انتقال الأمراض الوراثية والمعدية من أحد الزوجين الى الأخر والأطفال ، وتوارثها من جيل لأخر.