باتت المجتمع العربي يعاني من المتغيرات والمتحولات الناتجة عن اختلاف الثقافات والأفكار نحو تعزيز تماسك الأسرة فشهدنا دخول ثقافة النكد، والعبوس، والقلق، والاضطراب الأسري، والقطيعة الأسرية، التي فرضها نفسها على الكثير من الأسر العربية فتجد أغلبها يعيش في خضم النكد والمشاكل؛ فضاع الاستقرار وفُقد الحوار وباتت المودة والرحمة في مهب الريح.مما استحال معه إقامة علاقات زوجية مستقرة أدى ذلك إلى التفكك الأسري وارتفاع حالات الطلاق وخاصة بين شريحة الأزواج الجدد .
من خلال وجودي بالعمل في عالم الإستشارات الأسرية لأكثر من 20 سنة مضت رسخت لدي قناعة بأننا في حاجة ماسة إلى وجود مفهوم الأسر الذكية التي تجيد فن التعامل مع المشاكل المختلفة سواء بين الزوجين معاً، أو بين الآباء والأبناء، أو بين أفراد الأسرة، أو بين الأسرة والجيران المحيطين، أو بينها وبين المجتمع بوجه عام،
كما رسخت لدي قناعة أخرى بأننا نعاني من قلة الوعي الأسري وعدم فهم الإبجديات الأسرية واستعياب معايير الأستقرار الأسري ، وهذا إدى إلى الجهل الواضح بعملية التواصل الأسري والسعادة الزوجية بوصفها فن يجهله الكثيرون، كما لا نخطط لتفعيله مما أدى إلى عدم قيام كل طرف من الزوجين بواجباته نحو الآخر على الوجه الأكمل فضلاً عن هروب الدفء الأسري, وكانت المشكلة الأكبر في أن كل طرف يعرف حقوقه أكثر مما يعرف واجباته ولا ينظر إلى إيجابيات الطرف الآخر ولا يقدر جهود وتضحيات الآخر وحرصه على استمرار الأسرة, علاوة على عدم تدعيم مساحات الحوار مع شريك العمر والأبناء , هذه كلها عوامل تعيق تحقيق السعادة الأسرية.
- هل هناك مواقف عالقة في البال؟
بعض الأزواج لا يدركون خطورة تبعات بعض التصرفات والممارسات الغريبة التي يقومون بها مع زوجاتهم ، ما ينتج عنه من تفكك أسري ، خصوصا إذا علمنا إن غالبية حالات الطلاق تقع لأسباب بسيطة أو سلوكيات سلبية غير مرضية للطرف الآخر ، إن لم تكن غريبة ومضحكة في بعض الأحيان ، حتى تجد أن هناك الكثير من الحكايات النادرة عنها ، وقصص لا يخلو بعضها من الغرابة ، بل وتمتزج في مجملها بالطرافة ، وتملؤها روح النكتة وحتى السخرية ، لما فيها من أجواء قد لا يصدقها البعض ، بل إن هناك من يعتبرها نوعاً من النوادر الغير مصدقة في عالم الأزواج .
وغالباً ما يكون الزوجان غير مدركين للنتائج السلبية والآثار التي يخلفها الطلاق ، وهذا من الأسباب الرئيسة لارتفاع نسبة معدلات الطلاق ، وتسارع وتيرتها خلال الفترة الأخيرة ، وهذا مؤشر سلبي على استقرار الأسرة العربية ، ودلالة واضحة عن عدم الوعي والتمييز في التصرفات والممارسات المشتركة بين الأزواج ، وانعكاس واضح على ضحالة الوعي الاجتماعي لدى أفراد المجتمع وعدم قدرتهم على التعامل مع مشكلاتهم الزوجية بالصورة السليمة المطلوبة والانقياد التام لمشاعر التوتر وعدم تحكيم العقل والمنطق لتعامل مع المشكلات الزوجية ، بسبب التسرع في الحكم على العلاقة الزوجية والرغبة في الانفصال والتي تكون اغلبها غير معقولة لا يلتقطها العقل من الوهلة الأولى .
فمن المتعارف عليه أن الطلاق لا يقع إلا بعد استنفاذ كافة الطرق والوسائل لحيلولة دون وقوع الطلاق ولأسباب قاهرة يستحيل فيها استمرار الطرفان أكثر ما يجب وتنعدم خلالها الحياة الزوجية ، لكن من الغريب أن نكتشف أن هناك أسبابا ومواقف لا تستحق الذكر أدت إلى الطلاق ، ليكون هو الحل الأول والسريع لكثير من مشاكلهم ، وهذا مؤشرا واضحا على انعدام الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية لدى بعض الأزواج حيال حياتهم المشتركة عندما جعلوا من الطلاق أمرا سهلا ومستساغا بالنسبة لهم.
ولا ننسى المسلسل التركي الشهير الذي أثار مشاعر الأزواج وتسبب في تحطم العديد من المنازل والقضاء عليها بالطلاق بعد اتهام كلا من الزوجين الآخر بالتقصير عاطفيا ورومانسيا ، ناهيك عن أسباب الطلاق بسب إصرار الزوج على مشاهدة إحدى المباريات ورغبة الزوجة في متابعة مسلسها اليومي وقد لا تكون تلك هي الحالة الأغرب فقد طالبت إحدى الزوجات بالطلاق بعد أسبوع واحد فقط من الزواج لأن الزوج خالف العادات والتقاليد لدى قبيلتها عندما استضاف أهلها في بيته وقيامه بتقديم الذبائح المشوية بدون رأس ما تسب في غضب أهلها وامتناعهم عن الأكل والخروج من المنزل غاضبين .
وفي حالة شهيرة قامت زوجة بالاتصال بأحد القنوات الفضائية التي تعرض بعض القضايا الأسرية لتعرض مشكلتها على الشاشة أمام الجمهور فلتقط الزوج السماعة من يديها ورمى عليها الطلاق فجأة أمام ملاين المشاهدين بدعوى إنها لم تحافظ على أسرار المنزل .
من الحالات الغريبة التي تعاملت معها موقف إحدى الزوجات التي جاءت تشتكي من زوجها لأنه ينسى أيامها الخاصة بالزواج وتاريخ عيد ميلادها ويجهل تواريخ الزواج والخطوبة ، كما تعاملت مع حالة أخرى إن رجلا أراد أن يطلق زوجته لأنها تضع الكريمات على وجهها يوميا قبل النوم ولا تهتم بغسل شعرها لأكثر من أسبوع مما جعله ينام بعيدا عنها ، وتعاملت مع حالة اخري طلب فيها الزوج الانفصال عن زوجته بسبب إنها عندما تدخل في السرير تضع دميتها بين أحضانها طوال الليل وترفض أن تتركها ، وعندما اخذ الزوج عنها الدمية ليكون هو بديلا عنها ، غضبت عليه لأكثر من أسبوع وامتنعت ان تنام معه في الغرفة ، كما طالبت الزوجة الطلاق من زوجها بسبب عدم اهتمامه باستبدال الثياب الداخلية لأكثر من أسبوع حيث يصر على ارتداء نفس الفانلة ونفس الغترة والوزار ويرفض أن يستبدلها بحجة انه لا يريد أن يستهلك الكثير من الصابون وتشغيل الغسالة المنزلية توفيرا للمال .
ومن الحالات المضحكة حالة زوج جاء يشتكي من تصرفات زوجته وهو كلما يدخل المنزل تستقبله بإخراج لسانها حتى آخره، وتقوم بالقفز كما يفعل الحصان ، كما تعاملت مع حالة زوجة ذهبت لبيت أهلها ورفضت الرجوع لزوجها وعندما سألتها عن السبب ذكرت لي بأن زوجها يطلب منها أن تحقنه بالإبرة لأنه مصاب بمرض السكري من النوع الثاني ويستلزم عليه اخذ إبرة يومية ، وهي لديها فوبيا من الإبر منذ صغرها مما ولد في نفسيتها عقدة لم تستطع التخلص منها في كل يوم .
كما تعاملت مع حالة أخرى طلبت خلالها الزوجة المتدينة من زوجها أن يقرا عليها القران فتفاجأت بأنه لا يحفظ شيئا من كتاب الله ، كما انه عمد إلى حلق لحيته بسبب الأوامر الإدارية في العمل ، فغضبت منه وطلبت أن يرسلها عند أهلها لأنها لا تريد العيش مع زوج ليس لديه شي من القران الكريم وهو حليق .
ومن القص الغريبة ما حصل مع والدة العروس التي طالبت زوج ابنتها بورقة الطلاق وهما لم يخرجا من صالة الأفراح بحجة أن العريس لم يستأجر سيارة فاخرة ليزفها فيها ، واكتفي بسيارته الشخصية ما أثار حفيظتها وأقسمت على ابنتها ألا تركب معه إلا بعد أن يأتي بسيارة فارهة ، وعبثا حاول الزوج إقناعها دون جدوى لينتهي الأمر بالطلاق وسط ذهول الحاضرين .
وفي حادثة أخرى لا تقل طرافة ما وقع بين عائلتي العروسين عندما احتدم الخلاف بينهما أثناء حفله الزفاف حول إحدى الأغنيات ، ما أثار حفيظة أهل العريس الذين طلبوا وقف الأغنية فورا وأدّى ذلك إلى دخول والدتي العريس والعروس بمشادة كلامية ، تطوّرت إلى مشادات بالأيدي، وحدوث الطلاق
ومن الغرابة أيضا موقف الزوجة التي طالبت زوجها بالطلاق بعد مرورا اسبوع واحد فقط وعندما سألتها عن السب قالت بأنها تفضل لقب “مطلقة” على لقب عانس وإنها تزوجت من اجل التخلص من هذا اللقب وليس لأجل شي أخر ، وأخر تحدى زميله بأنه قادر على إنهاء حياته الزوجية في أي وقت شاء فسخر منه فقام على الفور بالاتصال على زوجته ورمي عليها الطلاق أمامه ليثبت أنه قادر على فعل ذلك
وأخرى طلبت الطلاق لآن زوجها أصلع الرأس وكانت تعتقد بأنه يملك شعرا على رأسه ولكنها تفاجأت بعد شهر بأن شريكها كان يرتدي باروكة صناعية فوق رأسه . جلست مع احدى زميلاتي نتحدث عن مشاكل الدنيا وقمت اشكو لها عن حياتي الزوجية واني بدوامة
ومن الحالات الغريبة قصة إحدى الزوجات التي تعاني تسكن مع زوجها في منزل العائلة بغرفة واحدة ، ولم يكن هناك حمام خاص بالغرفة ، حيث كان يتطلب الذهاب إلى الحمام منها المرور عبر الصالة ، وكان أهل زوجها يتسامرون إلى وقت متأخر من الليل ، فكانت كلما أرادت الرغبة في البول تذهب إلى زاوية الغرفة وتتبول هناك ظناً منها أن زوجها لا يعلم من أمرها شيئا ، وفي الصباح تطلب من الخادمة تنظيف مكان قضاء الحاجة لها .
ومن الحالات الأخرى شكوى الزوجة التي تروي لي مشكلتها مع الزوج الذي يعاني من التحدث أثناء النوم وقالت لي أنها سمعت زوجها يتحدث بأشياء خطيرة جداً عن عمله ، بل إنه يتحدث أحياناً بصورة واضحة وبتفاصيل دقيقة ، لدرجة إنها أخبرته أكثر من مرة عن بعض المواضيع التي يسردها، وهو ينكر ذلك ويتهمها بان تتجسس عليه أو إنها تطلع على أوراق عمله دون إذنه وهي تنكر ذلك حتى عمدت إلى تسجيل صوته وهو في نومه العميق وفي نفس السياق تعاملت مع مشكلة زوجية كادت تصل إلى الطلاق بسبب ترديد الزوج اسم مريم أثناء نومه ضمن جملة غير واضحة ، لتستفسر منه عن هذه المرأة التي ذكرها في نومه ، حتى أنها بدت تتذكر كل من يحمل هذا الاسم وتتقصى عن كل من في محيط الأسرة والمعارف يحمل هذا الاسم كما بدأت حملة التفتيش في هواتفه وأرقامه المخزنة وأوراقه في السيارة والمكتب ، وبعد عدة أسابيع من الأزمة الزوجية القائمة شاهدت معه لإحدى المسلسلات الخليجية ، ورأت كيف كانت نظراته مشدودة إلى الشاشة ومتابعته وإعجابه بتمثيلها، ذاكرةً أنها عندما “حلفته”: هل هو معجب بها وكان يحبها؟، فأكد لي أنه صحيح معجب بها لكن لا يصل هذا الإعجاب إلى درجة ذكرها في الحلم .