في العادة حينما يتم الحديث عن استهلاك الفرد للكماليات لا نجد في القائمة الا شريحة النساء لوحدهن فهن من يبحثن عن الجمال وهن من يتمحور تفكيرهن حول مثل هذه القضايا بينما يستثنى الرجال من هذا الموضوع إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك..
فالدراسات تثبت ان النسبة الكبرى من الذين يهتمون باقتناء الكماليات او حتى من مراجعي عيادات التجميل في الدول العربية هم من الذكور وهدفهم تحسين المظهر الخارجي على عكس السائد في أغلب بلدان العالم حيث أن غالبية المراجعين إناث!.وأصبح هذا النوع من الشباب الذي كان في وقت مضى يخجل حتى من البوح او السؤال عما يناسبه في هذا المجال لا تقتصر اهتماماته فقط على الملابس والاكسسورات وقصات الشعر بل طالت مستحضرات العناية بالبشرة وجراحة التجميل. والأمر هو ترسيخ قيم اجتماعية سلبية، مثل “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”، وأن “الرجل الكريم هو الذي ينفق كثيرا على الاستهلاك، سواء على المأكل والمشرب، أو السيارات والنزهات”، بالإضافة إلى استهلاك البعض لسلع ربما لا يكون محتاجا إليها وذلك لمجرد أن الآخرين في محيطه الاجتماعي يمتلكونها
تشير تقارير المؤسسات الدولية إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة الخليجية (متوسط الدخل السنوي للفرد) يقدر بنحو 4451 دولارا في عام 2003، بينما يصل نصيب الفرد على مستوى العالم في نفس العام إلى نحو 5077 دولارا علما بأن الفرد الخليجي ينفق زهاء 70 % على شراء كمالياته ، بمعنى أن معظم الإنفاق يذهب إلى الاستهلاك، عكس الدول الآسيوية، في جنوب شرق آسيا وفي شرق آسيا، فإن نسبة الادخار في تلك الدول تصل إلى 40%، والاستهلاك 60%، وينطبق ذلك على كل الطبقات، الأغنياء والفقراء على حد سواء”.
– ماهي الاسباب لهذه الظاهرة .
اعتقد أن المرأة تعد أحد الأسباب الرئيسة في لجوء الرجل إلى عيادات التجميل فمن الشباب من يكون راضي عن شكله إلا انه يرى أن مظهره لم يكن مرضياً لدرجة كافية للفتاة التي خطبها.
ويرى بعض الرجال أن شراء الكماليات يغطى الاحساس بالنقص والتخلص من العقدة النفسية تجاه المرأة ، ويرى آخرون أن من حقهم الظهور بصورة جميلة وإن تطلب ذلك اقتناء المزيد من الكماليات .
ومن أهم اسباب أيضا إرضاء النفس كما يلعب رأي المجتمع دوره خاصة ما يقال الآن الناس في وقتنا هذا تقيم وفقا للشكل لا للمضمون
وتأتي اهمية تغيير المنظر من اجل كسب احترام الناس وإقامة علاقات معهم، وأن الاهتمام بالمظهر احد الأسباب القوية في القبول في وظيفته الجديدة لقناعة الشاب ان تخليه عن هذه الكماليات فأن المجتمع لن يتقبله ولن ينظر اليه بتلك الصورة المطلوبة فتراه يلجأ إلى التغيير من اجل الحصول على ثقة الآخرين.
و السبب الثاني يكون نتيجة نقص البنية التحتية للشخصية للتمويه عن نقص معين ولفت الأنظار أو ما شابه ذلك كما أن هناك نوعية من الناس تحب التباهي وتجتهد لتبقى دائما الأجمل والأفضل في عيون الآخرين
.
هل هذه الظاهرة مقتصرة على شريحة معينة فحسب وانما هي متعلقة بالمجتمع على العموم ) ..
أرى أن المشكلة متعلقة في المقام الاول في الجيل الثالث من ابنائنا لأن ازدياد هذه المؤشرات نجدها بجلاء عند جيل 2000 الذي تبدلت لديهم مفاهيم الرجولة عكس ما كان الرجال يرون أنهم يعتنون بمظهرهم عن طريق المواظبة على الرياضة والأناقة. حسب خبرتي في التعامل مع مثل تلك الفئة يتبين أن أغلب هؤلاء الأشخاص هم في الغالب غير ناضجين عمريًا، ولا يمتلكون أساليب التعبير عن مشاعرهم، ويتصفون بعدم النضوج الانفعالي، وعدم نمو الضمير الاجتماعي، وبالتالي يجدون صعوبة في عملية التكيف بالرغم من نضوجهم الجسدي والنظرة إليهم باعتبارهم كبارًا، وهم لا يزالون يعانون من طفولة الذات الاجتماعية، وهم نرجسيون، ولا يوجد لديهم أية مراعاة لمشاعر الآخرين، ويفهمون الحرية والقانون والكرامة الإنسانية بمفهوم خاص تسيطر عليه الأنا الفردية، وقد يستغرب القارئ إذا عرف أنهم شديدو الخجل وسريعو الإثارة ومتقلبو المزاج، ونادرًا ما تكون الصعوبات حافزًا ودافعًا لهم لبذل مزيد من الجهد، بل إنهم لا يتعلمون من أخطائهم، ويكرهون الالتزام بالقيم الأخلاقية والنواميس الاجتماعية.
عندما يرفض الرجل الزواج
يرفض العديد من الشباب ان يهيئ نفسه للزواج بحيث يمتلكون القدرة على متطلبات الزواج ؟كما يلا يصيب الجزء الاحخر منهم في حسن الاختيار ، فهذه المسألة التأهيلية تبدأ في الصغر لأن حقيقة الأمر الكثير من الشباب والفتيات لا يعرف حتى ابجديات الحياة الزوجية وكيفية الاستعداد لها لفهم معاني الزواج والحياة المشتركة والطمأنينة والسكن ومفهوم البذل والعطاء.
، فمثلاً على الوالدين تربية الأطفال منذ الصغر على أن الخلافات والمناقشات العائلية مثلاً شيء طبيعي وسيأتي بعدها الحبّ والودّ والتلاطف وهذا أفضل بكثير من إخفائها واعتبارهما عيباً وبذلك ينشأ الطفل غافلاً عن كثير من أمور ومتطلبات الحياة.
وتأتي مسألة الحوار كجزء هام في تهيئة الشاب للزواج وتبدأ من الصغر على أن تستمر، لأن خوف الولد أو البنت من التحدث مع الأهل سيجعلهم يضعون نفسهم في موقع ضيق لايساعدهم في حل مشاكلهم، كما أنّ الانطواء والانفصال عن الأهل يؤدي إلى حدوث استقلالية متطرفة في الرأي وحدوث مشاكل ناتجة من عدم الخبرة.
كما أن إعطاء الخبرة للشباب حول شروط ومقومات الزواج الناجح من خلال الأهل أو المدرسة أو الجامعة أو من خلال إقامة دورات تدريبية لأن عدم الخبرة تؤدي إلى حدوث مشاكل كبيرة.
فيجب توعية المجتمع بالبعد الجنسي في موضوع الزواج إذ أن هناك طاقة عظيمة وحاجة لدى الشباب تحتاج لإطار شرعي وهناك أبعاد اقتصادية واجتماعية، لابد أن يجتهد المجتمع إذاً في إيجاد حل وسط لايكفي بأن نزوج الشباب ونرتاح منهم بل المهم هو ما بعد الزواج فهناك تساؤلات كثيرة بعد الزواج تتعلق بشؤون الأسرة، ماذا عن متطلبات الحياة اليومية؟ ماذا عن الحمل؟ وماذا عن الطفل إذا كان الوالدان لايستطيعان تحمل مسؤوليته والشباب أيضاً له دور كبير في تحمل المسؤولية فالشاب يريد أن يختار الفتاة بنفسه والبنت تريد أن تختار زوج المستقبل بنفسها والكل يدّعي النضج وتحمل المسؤولية ثم يقول الشاب لأهله زوّجوني، وفي ذلك تناقض، إذ الشاب يريد أن يكون صاحب قرار ثم يريد من والديه أن يزوجوه مساعدة الأهل في الموضوع لابأس بها ولكن اعتماد الشاب كلياً على أهله في زواجه يولّد مشاكل في الحياة الزوجية.
نحن عندما نعالج الرغبة الملحة للزواج لدى الشباب لاتعني فقط غرفة النوم بل تعني كل ما يتعلق ببناء هذه الأسرة والتي تعد البنية الأساسية في المجتمع.
مشكلات الشباب
من أهم مشاكل الشباب التي نعاني منها هي حاجتهم الاساسية للتحرر من قيود الأسرة والشعور بالاستقلال الذاتي وهذه المشكلة هى السبب الرئيسى في معظم الصراعات التي تحدث بين الشباب والمجتمع وبالتالي نجد أن الممارسات التي يقدمون عليها كبيرة الحجم وحديثة النوعية .
فعلى المجتمع أن يقروا بوجود هذه المشاكل الطبيعية حتى يستطيع الجميع التكيف معها وان يبذلوا جهدهم ويغيروا سلوكهم حتى يتجنبوا الصدام العنيف والوصول إلى بر الأمان ، وتدل الكثير من الدراسات والبحوث التي أجريت حول مشكلات ومعاناة الشباب أن أكثرهم يعانون من فجوة الأجيال التي تتسع تدريجيا والتي يزداد اتساعها يوما بعد يوم ، بين ما يقومون به من أعمال وبين توقعات آبائهم فيما يجب أن يمارسونه فعلا بما يتفق مع معاييرهم الأسرية
وتشير الدراسات إلى أن 95% من الشباب يعانون من مشكلات بالغة يواجهونها عند محاولتهم عبور فجوة الأجيال التي تفصل بين أفكارهم وأفكار آبائهم 0
وتدل الدراسات أيضا أن أبرز ثلاث مشاكل يعاني منها الشباب في نطاق الأسرة- بناء على نتائج قياس حاجات التوجيه النفسي – مرتبة حسب درجة معاناتهم منها هي :
صعوبة مناقشة مشكلاتهم مع أولياء أمورهم
صعوبة إخبار أولياء أمورهم بما يفعلونه 0
وجود تباعد كبير بين أفكارهم وأفكار أولياء أمورهم
ومن ثم يلجأ الشباب ،ولاسيما الذين لا يجدون من يسمعهم أو يصغي إليهم لمساعدتهم على حل مشكلاتهم التي يعانون منها ، إلى بعضهم في نطاق جماعة خاصة بهم يكونونها على أمل مساعدتهم في إيجاد حلول مناسبة لها ، وتخليصهم من المعاناة التي تؤرقهم بسببها 0 لذلك نجد كل فرد في سن المراهقة يحرص كل الحرص على الانضمام إلى جماعة من الرفاق تشبع حاجاته التي فشلت الأسرة في أشباعها0
ومن الطبيعي أن الشباب في الفترة الحالية يشهد تحوّلات اجتماعية، وأوضاعاً نفسية جديدة ، وهكذا تشهد الاحصاءات أن جيل الشباب في عصرنا الحاضر يعانون من عدم استيعاب المجتمع لهم ، خاصة وأنهم يمثلون طليعة التغيير والطموح، ويشغل اهتمامهم أوضاع المستقبل، ويتركز لديهم النزوع للتغيير، والثورة على الواقع غير المُرضي، فهم في هذه المرحلة أكثر شعوراً بالتحديات، واحساساً بالقوة الّتي تدفعهم لرد التحدي الواقع عليهم الهوية الغائبة عن شبابنا مثل الكائن الحي ينمو ويتطور ويمكن أن ينكص ينكمش وفقا للمؤثرات الخارجية ، وبالتالي فإن الهوية تنضج بالاحتكاك والتفاعل، وتضمر بالانزواء والعزلة. وأختتم بأن مسألة الهوية ينبغي أن تشغلنا بالنسبة للمقيمين منا في أوطانهم، فلم تدع ثورة الاتصالات فرصة لترف الانعزال أو الانغلاق دون أن يصلنا ما يدور في العالم من معلومات ونقاشات، وما يطرحه الآخرون عنا وعلينا من تحديات وشبهات، وفي التعامل مع هذا المشهد